أحـلام ليست وردية



أحـلام ليست وردية

بقلم/ موسى إسماعيل الفقي

لي طقوس مسائية دائمة .. فقبل أن آوي إلى فراشي ؛ أغسل أسناني بالفرشاة والمعجون ، فلا أستطيع أن أنام بغير غسل أسناني ــ وبشكل مبالغ فيه أحيانا , وذلك مذ عرفتُ أن إهمال نظافة الفم تكون سبباً مباشراً لأخطر الأمراض. ذات مرة ذهبت إلى طبيب أسنان , وأثناء قيامه بعلاج أسناني - اكتشفتُ أن أسنانه شكلها مخيف ؛ من كثرة ما عليها من بقايا طعام ورسوب ربما لم تنظف منذ سنوات , ساعتها خشيتُ على نفسي ،


ومن ثم فقد أبديت جزعاً لكي أهرب – وأخبرته أنني سوف أؤجل معالجة أسناني ليوم آخر ؛ وأنني متعب - فكيف آمن على أسناني رجلا لم ينظف أسنانه منذ سنوات ؛ إن فاقد الشيء لا يعطيه .. ومن أعجب ما علمتُ بعد ذلك أن هذا الطبيب ؛ أبوه – أيضا – طبيب أسنان . ترى ماذا تعلم هو من أبيه ؟؟ , أم من الصواب أن نتساءل :
ماذا علمه أبوه ؟؟ - وأيهما جنى على الآخر ؟؟ 

ذهبت إلى الفراش وأنا ضجر فقد وجدت زوجتي قد نامت دون أن تعدل من غطائها , وكان طرفٌ من غطائي مستقراً تحتها , فلم أشأ إزعاجها ؛ لأنها كانت مريضةً , فاضطررت أن أنام وتناولت ما تبقى من غطائي وانسللتُ تحته دون أن أتفوه بكلمةٍ أو أحدث صوتاً , وبدأت أقرأ ورديَ الليلي مبتدئاً بالفاتحة وآية الكرسي , وانتهاء بالمعوذتين والدعاء , أثناء ذلك بدأ طرقٌ خفيفٌ , وكأن بعض الجيران يصلح شيئا أو يدق مسماراً في جدار ..

تململت على الفراش ورحت أتقلب على جنبيّ متمنيا ألا يطيل جاري من حماقته الليلية تلك , ومن ثم نسيتُ ما كنت بدأته من الوِرد , وكان لا بد أن يقفز إلى رأسي في تلك اللحظة - صورة ( جيري) ذلك الفأر المتململ على فراشه من جراء صخب ( توم ) القط , ومشهد سقوط جيري عن الفراش وهو نائم , 

هل أستطيع أن أفعل ما فعل جيري , فأنزل إلى جاري وأقتحم عليه بيته ودون أن أكلمه أدق رأسه بقادوم , أو أحطم جهاز تسجيله أو تلفزيونه الذي يدق آذان الجيران ورؤوسهم وأعصابهم , لقد تعدّى فتعديتُ .. لكن هل يمكن أن أقوم بفعل ذلك ؟! ولماذا لا يمكن ؟؟

هل أنا أصغرُّ من فأر , أم أن الجار أكبرُ من قط ؟؟ - ثم أليس لي أن أتساءل : هل نعلم أولادنا ما فشلنا نحن في تعلمه ؟ - أليست برامج الأطفال مثل ( توم وجيري ) لكي تعلمهم عدم التعدي على حرية الآخرين , وأنها لا تهدف إلى التسلية المحضة ؟؟ , وعلى ذلك فهل ينجح جيري في تعليمهم ؛ في الوقت الذي يرون فيه آباءهم وقدوتهم يفعلون عكس ذلك تماما ..
وهنا يكون التوافق ضروري جداً بين ما يرى الطفل وبين ما يعايش ويلمس , في كل جوانب حياته , 

ابتسمتُ من تذكر ذلك المشهد المتقن وضحكت من القلب غير أني كتمت ضحكي ( مشهد جيري وهو يسقط عن سريره , وكيف يقوم ويقتص من توم بتحطيم أدوات إزعاجه ) , ونسيتُ ما يفعله الجار من حماقات أقضت مضجعي .. النسيان ما أجمله لو كان كله كذلك .. عدت مرة أخرى إلى وردي الليلي لأبدأه من جديد .. كانت دقات ساعة الحائط القريبة من الفراش تدق هي الأخرى معلنة في كل لحظة ؛ عدم التوقف عن تقطيع أوصال ليلتي والنيل منها ،                                
      سرس الليان في 11/11/2000

vvvvv

0 التعليقات:

إرسال تعليق