بقلم / موسى إسماعيل الفقي
كثير
من إخواننا لا يرغبون في الخروج من أي حوار متفقين ، بل إنهم يصرون على
الخروج مختلفين ، حتى إن قلتَ لهم : إنك متفق معهم فيما ذهبوا إليه ، لووا
أعناقهم غروراً واستكباراً وأشاحوا عنك بوجوههم ، فهم لا يهدءون بغير
الخلاف .. وظني أنهم لا يفعلون ذلك إلا من باب (( خالف تعرف )) ، أو من باب
( المزايدة على الآخرين ) ما دام الآخر هذا من (حزب تاني !) أو من (
جماعة تانية ! ) ، وكأن هؤلاء الناس يخافون أن يراهم أحد متفقين مع ( الناس الوحشين اللي مش تبعهم ؟! ) ، فما إن تحاول أن تفسر لهم رأيك بعقلانية وهدوء ،
إلا
وانقلبوا عليك بكل ما لديهم من صراخ ولكمات طائشة وهراوات وشتائم وبذاءات
.. ؛ فهم دائماً مستنفرون لمنع ظهور أي صوت بجوار صوتهم ، فلا مجال لقيام
رأيٍ بجوار رأيهم ، وكأن رأيك متى طرحته سوف يحول دون إبراز آرائهم
وأفكارهم ، فإن قلت لهم : إن المجتمع الصحيح هو من يحتضن كافة الآراء
ومختلف الرؤى ، غضبوا وثارت ثائرتهم وتذمروا وتعصبوا ، وهم دائماً يتعاملون
مع الرأي الآخر بمنطق القمع والمنع حتى يحولوا دون وصوله للناس ؛ ومن ثم
تأثيره على المجتمع ..
وليعلم هؤلاء القوم أن صوت معارضيهم – صواباً كان أم خطأً – وحقاً كان أو باطلاً – سوف يصل بفضل السماوات المفتوحة ، وعليهم أن يتركوا الحكم للجماهير ، فهي قادرة على الفصل بين غث الرأي وسمينه ؛ وتبره من ترابه .
وليعلم هؤلاء القوم – أيضاً - أن
المجتمع قد سُميَ مجتمعاً لأنه يجمع جميع الألوان والمشارب من البشر ،
ومن حق كل إنسان أن يؤمن بما يرى من أفكار ما دام طرح هذه الأفكار لا يضر
الغير بكل أشكال الضرر المادي والمعنوي. .
ولابد من التأكيد على أن الذين لا يحصدون من اختلاف الآراء إلا ثمار
العداوة والبغضاء ؛ فهم قصيروا النظر ناقصوا العقل والهوية ، وإني
لأذكرهم بمقولة الأجداد : اختلاف الرأي لا يجب أن يفسد للود قضية .
حتى فيما يتعلق بعلاقة الإنسان بربه فإنه سبحانه وتعالى وهو الخالق منحهم الحرية المطلقة (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) ، (( كل نفس بما كسبت رهينة )) ... ، وقد قالوا : ( أنت حر ؛ ما لم تضر ) .
إن
غياب ثقافة الاختلاف هي من أهم أسباب تخلف الأمم ، ويجب أن نفهم أنه ليس
كل من اختلف معي فهو عدوي .. إن الإختلاف ليس عيبا ، ولكنه إثراء لأي حوار
، إذا كان يصدر عن نوايا صادقة وهادفة ويراعي قاعدة ” نتعاون فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا عليه “.
ويا
حبايبنا الذين تريدون الناس كلهم ؛ حزب واحد ولون واحد ودين واحد وزِي
واحد ، وفكر واحد ورأي واحد وقالب واحد مختوم بختم واحد ، أرجوكم - ولوجه
الله تعالى - أحبوا كل أطياف هذا الوطن كما هي من غير تصنيف أو تحريف أو تزييف أو مزايدات على أي منها مهما كان ..، من أجل سلامة هذا الوطن ..
*****
0 التعليقات:
إرسال تعليق