أن نجتهد لنفهم !!

 أن نجتهد لنفهم !!
                       موسى إسماعيل الفقي
  - في حوار دار بين العقاد وبعض تلاميذه ، حيث كان التلميذ يسأل والعقاد يجيب  - ولأن التلميذ لم يفهم فقد راح يطلب تفصيلاً أكثر ، فيعود العقاد يبسط المسألة أكثر  - لكن التلميذ رغم التبسيط والتبسيط مرة بعد مرة لا يستوعب ما يُبسط له ، فيضيق العقاد بتلميذه ويزجره بقوله :- 
        يجب أن تجتهد لتفهم، ولكنك تجتهد ألا تفهم !!
- والذي يجري حولنا هو شيء من هذا القبيل ،  فالقليلون جداً يجتهدون ليفهموا ، والكثيرون جداً يجتهدون لكي لا يفهموا ! وبين الفريقين بونٌ شاسع ،  فمنهم فريق  يبدأ منه قوتنا وتقدمنا ، وهناك فريق آخر – وهو الأكثر – ينتهي إليه تخلفنا وضعفنا..
- فالموظف الذي يعذب المواطن – إرضاء لذاته أو لرئيسه أو لبطانته – لم يجتهد ليفهم أن تعذيب هذا المواطن له تأثير سلبي على تنمية الوطن ورخائه وتقدمه ، وعليه فهو مطالب بأن يجتهد ليفهم ، ونحن مطالبون نحوه بأن نقول له : عليك أن تجتهد لتفهم أن راحة هذا المواطن هو أمان واستقرار وتنمية لهذا الوطن الذي نعيش فيه معاً ..  
- وعامل النظافة أو متابعه الذي لا يقوم بعمله كما يجب – تكاسلا أو جهلاً – لم يجتهد ليفهم أن ( عدم قيامه بعمله ) له أثر سلبي على المواطن، وبالتالي على الوطن ؛ لأنه يدفع غيره لإهمال أعمالهم ، ولأن الحقوق والواجبات متداولة بين الناس ، فإن أنت ضيعتَ حقاً لغيرك ؛ فلن تأمنَ أن يُضيعَ هو حقاً لك أو لسواك !!   ؛ ومتى ضاعت الحقوق والواجبات بين الناس ضاعت الحضارة وضاع الوطن لا محالة ..
   ونحن مطالبون نحو هذا العامل ومتابعه وأمثالهما أن نقول لهم : عليكم أن تجتهدوا لتفهموا أن  قيامكم بأعمالكم  على خير وجه ، هو  جزء من الحفاظ على صحة المواطن وأمنه ورخائه ، وبالتالي على أمن هذا الوطن ورخائه واستقراره وتقدمه ..  
    - وصاحب المخبز الذي يهمل مخبزه ولا يتق الله في ما يصنع من خبز ، ويسرق الدقيق ليبيعه بأضعاف أضعاف سعره - لم يجتهد ليفهم أن الخبز السيءَ المقدم للناس ، هو باب  لنقمة المواطن ودافع لإهماله وتواكله ، وبالتالي هو باب مفتوح على مصراعيه ضد أمن هذا الوطن ورخائه واستقراره وتقدمه ..  
    - والمسئول الذي لا يعنيه أمر المواطن وهو يقف بالساعات في طوابير يقاتل من أجل الحصول على بـ ( جنيه خبز ) ، هو مسئولٌ لم يجتهد ليفهم أن ذلك باب مفتوح على مصراعيه ضد  أمن هذا الوطن ورخائه واستقراره وتقدمه ..   وهو مطالب بأن يجتهد ليفهم ، ونحن مطالبون نحوه بأن نقول له : عليك أن تجتهد لتفهم أن راحة هذا المواطن هو أمان واستقرار وتنمية لهذا الوطن الذي نعيش فيه معاً ..  
    وكل إنسان صغر أو كبر ، هو مطالب بأن يجتهد ليفهم بأن التنمية والرخاء والاستقرار لأي مجتمع إنساني ، مرتبط ارتباطا وثيقاً  بكل سلوك يسلكه أي فرد من أفراد هذا المجتمع ، وقد لخص هذا المعنى الشاعر العربي حين قال :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم  :: ولا سراةَ إذا جهالهم سادوا
والبيت لا  يُبتنى إلا  له  عمــدٌ :: ولا  عماد  إذا لم ترس أوتادُ 
فإن  تجمع أوتــادٌ  وأعمــــدةٌ  ::  يوماً فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
  وصدق رب العزة إذ يقول : ( .. وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لّهُدّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِيّ عَزِيزٌ) [ الحج – من الأية: 40]
   فأرجوكم ..اجتهدوا لتفهموا ..
  كي تحافظوا على هذا البلد ، ولا تضيعوه ، أرجوكم ..
*******

0 التعليقات:

إرسال تعليق