أولادنا والمستقبل
موسى إسماعيل الفقي
لا أستطيع أن أنسى صفعة أحد أساتذتي لي ( يرحمهم الله جميعاً ) وأنا تلميذ في الخامس ابتدائي ( في ستينيات القرن الماضي ) ، لأن هذه الصفعة كانت الحد الفاصل بين الجد واللعب , كما يقول أبو تمام في فتح عمورية :
السيف أصدق إنباءً من الكتبِ :: في حده الحد بين الجد واللعبِ ,
ولا زلت أحترمُ أسلوبَ العقاب المدرسي القديم وأعتبره ضرورة مع بعض صغارنا من الماكرين , والذين لا يقومهم المنطق التربوي الحديث , ولا تنفع معهم الملاينة والملاطفة, وإني لأحترم الثقة لدى الصغار ,وأقوم بغرسها ما حييتُ , لكن الثقة شيءٌ ؛ والفجورَ والوقاحةَ والانفلاتَ شيءٌ آخر لابد من معالجته بشتى السبل ، على أن يكون العلاج تقويماً مقنناً بحجم الجرم دون قهر وغلظة , وإني لأشفق على معلمي اليوم الذين وقعوا ضحايا بين مطرقة قوانين الوزارة وسندان بعض تلاميذنا المدللين بغير حدود , فقد قيدتْ الوزارة أيادي المعلمين دون عقابِ هؤلاء المارقين , ولا أحسب أن المعلمَ المقيدَ يمكن أن يوصل علماً ، ولا الطالبَ المنفلتَ يمكن أن يتلقى شيئاً نافعاً !! وقد اتخذ بعضُ المعلمين من ذلك ذريعة للإهمال والتسيبِ – وبهذا الأسلوب تتراجع العملية التعليمية وتتراجع عقولُ الأجيال وخبراتُهم ، ولن تظفرَ بعد ذلك بطبيبِ أو عالِم أو مهندسٍ متميز , وإني لأسألُ بعض أبنائنا من طلاب اليوم في بعض شئونهم ، فلا أظفر إلا بما يُحزِنُ ، فكلهم قانعٌ بالقليل من الخبرةِ والعلم , ومتلهفٌ على الكثيرِ مِن المتعةِ والكسلِ , وكلُّ ذلك على حسابِ مستقبل هذا الوطن .
0 التعليقات:
إرسال تعليق