كلام مصاطب


كلام مصاطب

بقلم / موسى إسماعيل الفقي

       في بلادنا ، تدور حوارات سياسية كثيرة ، في الإعلام وفي سواه ، لكنها حوارات بلا تحاور ، فهناك – دائما – أصوات غائبة  أو مغيبة ، رغم أن تلك الأصوات – المهمشة -  في أغلبها ؛ أصواتٌ وطنية جداً , وقومية جداً ،  فإذا حضرتْ فهي مهمشة أو مكممة أو  مزايَدٌ عليها  أو مُعَرضٌ بها  ، وأمامنا نماذج كثيرة وأقربها  برنامج (حالة حوار ) الذي يقدمه أو ( يكممه ) د . عمرو عبد السميع في تلفازنا ( إعلامنا الوطني ! )، فهذا الرجل ناجح جداً في اللف والدوران ، والقنص والزوغان ، فإن أعجبه كلامٌ  غرف منه بالقنطار ، وإن لم يعجبه صده باقتدار  ، وصدق من سمى البرنامج ؛ فهو بالفعل حالة من حالات الحوار  السائدة في بلادنا والتي تصور حالة التشتت والعجز  ...
       وقل ذلك في كثير من الحوارات التي تدور في بلادنا ؛ لكي تملأ مساحاتٍ شاغرة ً في وسائل الإعلام ، ولكي تسمح لبعض القوم أن يدعوا أن في بلادنا حوارات ديمقراطية أو حراك سياسي أو لكي نبدو في نظر العالم أننا  نمارس الديمقراطية ، وكل هذه المسلسلات والمسرحيات الديمقراطية ، أو الديمقراطيات الممسرحة ؛ لن تسمن ولن تغني من جوع ، وبالأحرى لن تساهم في تطوير واقعنا المهترئ لأنها ممارسات مهترئة  وهزلية وعديمة الفائدة  ولن تتجاوز ( قعدات ) المصاطب التي تجمع أولاد البلد في المساء ، فتلك لا يربطها رابط ، ولا يضبطها ضابط ، وقد تتحول إلى القفشات والترهات ، 
        فإذا رأيتَ  العقلاءَ وأصحاب الرؤى والآراء العلمية  يجلسون إلى تلك المصاطب ، أو يُدعوْن إليها  ، فاعلم أن ذلك من باب الحضور والتصوير - فقط -  لكي تؤكد الأطراف الداعية للرأي العام ؛ أنهم موجودون ويشاركون ، وأن المجتمع لن يظفر منهم بشيءٍ سمين ، إما لأنهم لن يُمكَّنوا من عرض ما لديهم بحرية كاملة ، وهناك من يُزايد عليهم ويحول بينهم وبين طرح ما لديهم من براهين وخطط عملية وأفكار منهجية . أو لأنهم يكرهون أن يضيع صوتهم في جعجعة الصبيان ، فلا يلقون باللآلئ في معامع الخصيان ..!! 

نشر بمجلة سرس الليان عدد مارس 2007


0 التعليقات:

إرسال تعليق