مــدارســــهم !!


مدارسهم !!

بقلم / موسى إسماعيل الفقي

   حوار دار بيني وبين بعض أحبابنا ؛ الذين يستسلمون لكل ما يجري وإن كان حراماً ، مادام قد أصبح واقعاً سائداً مُعاشاً ، ومن ثم لا يمكن تغييره !!
    فالمدارس – والمرحلة الثانوية خاصة – تغلق أبوابها في الشهر الأول ، وبدلاً من أن يتوجه الطالب إلى المدرسة يتوجه إلى منزل المدرس أو دكانه الخاص لينضم إلى قافلة الدروس الخصوصية ، رغم أن هذا المدرس - هو نفسه - المفترض أن يدرِّس لنفس الطالب في الفصل المدرسي ، كما يدرس له في المنزل أو في المجموعات المدعومة من المهندس أحمد عز ؛ ولا أدري لِمَ يأخذ المدرس راتبه ، إضافة للإمتيازات الأخرى ؛ إذا كان لا يقوم بالعمل الذي يتقاضى عنه هذا الراتب ؟!
    ولماذا تكلف الدولة نفسها المليارات من أجل تعليم ، يجري 95% منه خارج النظام المدرسي أو في القطاع الخاص ، وليس للمدرسة دور سوى توزيع الكتب وجمع المصاريف في الأسبوع الأول، في وقت يلتهم قطاع التعليم وحده ؛ أكثر من ثلث ميزانية الدولة - ولا أستطيع أن أنكر وجود عناصر جيدة وتستحق التقدير لكنها قليلة قياساً بالعدد الهائل من المعلمين
♣♣♣
     فلماذا لا توفر الدولة كل هذه المليارات وتجعل التعليم في المنازل ، إذا كانت هناك عقدة قد تكونت حيال المدارس – بفعل فاعل لا يزال مجهولاً - لدى المدرس ، ولدى الطالب ، والإدارة ، وبعض أولياء الأمور ؛  فالمدرس لا يشرح (بذمة) في الفصل المدرسي ، أو لأن الطلبة يأتونه في المنزل ، والطلبة في معظمهم يعتبرون المدرسة مضيعة للوقت ماداموا يأخذون الدروس الخصوصية ، ربما حالة نفسية ! - حسب وجهة نظر البعض ، والإدارة قامت بما عليها فنفذت قوانين الوزارة التي ساهمت في تخريب العملية التعليمية من قريب (30 يوم غياب منفصل وإعادة قيد بمبلغ زهيد .. معظم المدارس لا تسجل غياب.. متابعات الوزارة لا تنقل الواقع في تقاريرها: وكله تمام يا باشا... )، وولي الأمر مضطر - حيال هذا التشخيص - أن يدفع ثمن الدروس الخصوصية طائعاً مختاراً ، لحصول فلذات أكباده على مجموع يؤهلهم للطب أو للهندسة ، والدروس الخصوصية عبارة عن حشو الرأس بالمنهج دون تحصيل الفلسفة من ورائه ؛ وإصابة عقل الطالب بتخمة معلوماتية سرعان ما تتبخر بعد الامتحان ، وهذا  لن يعطينا طبيباً جيداً أو مهندساً فذاً ، والدروس الخصوصية يجب أن تكون استثناءً وليست القاعدة كما يجري الآن في بلادنا ..
♣♣♣
     والدروس الخصوصية تنتهب من جيوب المصريين 24 مليار جنيه سنويا ، وهناك ثمانية ونصف مليون أسرة تعانى من الدروس الخصوصية يعني بنسبة 60% من الأسر على مستوى الجمهورية ، منهم 30% من الفقراء جداً ، والمدان في نظري: المدرس والإدارة هنا أوهناك ، وبعض أولياء الأمور وإن ادعوا - جميعا - أنهم قاموا بما عليهم ،
  - وإني أتساءل : من المستفيد من الإجهاض المستمر لمستقبلنا ومشروعنا الحضاري ؟؟
   ومصيبتنا جميعاً ؛ أننا نرى الفاحشة ونعرف علتها ، ورغم ذلك نبحث لها عن مسوغات تجعلها حلالاً رغم أنف أهل الفتوى ، وقديما قال شاعرنا :          
  متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامَه ... إذا كنتَ تبني وغيرك يهدمُ؟!
♣♣♣♣

نشر بمجلة سرس الليان عدد مارس 2008

0 التعليقات:

إرسال تعليق