أتـذكــر
بقلم / موسى إسماعيل الفقي
كلما أساء لي صديقٌ عزيزٌ تذكرته ، فقد كان مثالاً للوفاء .. كان رقيق المشاعر ، شديد الحياء ؛ حتى لقد أدى به ذلك في آخر أيامه إلى شبه عزلة ، وكانت طاعته العمياء لوالدته - رحمها الله - أجمل ما فيه حتى ليستحق أن يقال في ذلك شعراً ، وكنتُ أقول لأصدقائنا : إنه سيدخل الجنة بطاعته لأمه ؛ كان صاحبي من أصدقاء الزمن الجميل الذي لا أظن أنه يتكرر ، ألقت بنا الأقدار في المسالك الوعرة أيام الصبا والشباب ، فنالنا الكثير من شوكها واليسير من وردها ، إنه صديقي العزيز الراحل / أحمــد فهيم زينر ( رحمه الله ) - أتذكره اليوم حين عز الأصدقاء.
1- حكاية مواطن
بقلم / موسى إسماعيل الفقي
في كل صباح ، يبحث عن شتات نفسه التي بعثرتها الأحداث تلو الأحداث ...يلملم بعضاً من هنا وبعضاً من هناك ؛ وينتظر شهر يوليو من كل عام مثل كل المواطنين من ذوي الدخل المهدود حيله ؛ ينتظر العلاوة الاجتماعية التي تقررها الحكومة ، لعلها تدفع الراتب إلى الأمام بعض الشيء أو حتى تدنو من مستوي الأسعار التي تقفز كالبهلوان ، فربما يستطيع الوفاء بمتطلبات ربما تأخرتْ طويلاً ، وعجز عنها الراتب في ثوبه شديد البلى ، لكن توالي الأحداث بعدها لا يسر أحداً ، فما إن يتسلم صاحبنا الراتب الجديد مضافاً إليه بضعة الجنيهات ( العلاوة الجديدة ) ؛ إلا وانقضّت عليه الأسعار ( الجديدة والقديمة ) والفواتير العمياء للماء والصرف الصحي والكهرباء والتليفون ...، فالتهمت كل المال والأحلام المتواضعة ، والتهمت حتى مجرد الأمل في الحياة ، وكأنها رسالة ضمنية من الحكومة تقول له في الصباح والمساء : وان كان عاجبكم ..!!
وبمرور شهر يوليو يضيع الأمل المرجو وقد ملأت النفسَ غصة خرساءُ يتبعها غيظ ٌ مكظوم ، ومحاولاتٌ تستجدي من بعيد بقايا من شعاع أمل في عام قادم يطل ؛ في انتظار يوليو جديد وعلاوة اجتماعية مقطعة الأوصال قبل بزوغها بشهور ، ومع كل يوليو جديد غصة جديدة تجاور أخواتها في الأحشاء ؛ ولا جديد سوى الحسرات تلو الحسرات ..
قد يجد صاحبنا عذراً للحكومة في ظل ما يسمى بـ «اقتصاد السوق» ، أو تحرير أسعار السلع ، فاللحمة - مثلاً - سعرها طالع على طول وبدون حساب ، أو أن هناك سلعاً يتم احتكارها وتعطيش السوق ؛ استغلالاً من بعض كبار التجار ورجال الأعمال المسنودين ، لكنه لا يجد عذراً للحكومة ، حين تقوم بعض الهيئات التي لا تزال تحت سلطتها بزيادة أسعار خدماتها بشكل مبالغ فيه ولا يناسب رواتب ومداخيل معظم المصريين والذين يمثلون 80% من الشعب ، مثل أسعار مياه الشرب التي أصبح المتر بـ 40 قرش ، ( قال وعندنا النيل !! ) ، وأسعار الكهرباء التي وصلت للسحاب ، رغم تراجع أسعار الطاقة والحبوب والبقول وكل الأسعار عالمياً ، لكن عندنا إحنا .. لأه .. !؟
***
ـ سيخرج عليك بعض المسئولين الأذكياء أو المنتفعين ويقولون لك : عندنا إحصائيات تقول إن المصريين الغلابة أنفقوا 3 مليارات جنيه في اتصالات المحمول ، فكيف يكونوا فقراء ؟؟ ، وهو كلام وجيه جداً، لكن هذا الإحصاء يخفي حقيقة أخرى ؛ ألا وهي : أن الذين استهلكوا 90% من الـ 3 مليار هم الـ 20 % من الناس اللي فوق ( المبسوطين ) ، أما الغلبان اللي شايل محمول ، فمعظمهم شايلينه منظرة ، وأغلبهم لا يستهلك 5 جنيه بالشهر في أسوء الظروف ، وهو سفه هنا أو هناك .. وقد قال في ذلك أحد الاقتصاديين : لو أن الـ3 مليارات جنيه التي ينفقها المصريون على المحمول من أجل الـ (بيزنس) فإن مكسبهم يكون 10 مليارات، ولكن للأسف هي أموال تنفق بلا جدوى".
0 التعليقات:
إرسال تعليق