همجية وقبح


في أوائل التسعينيات , كانت لي فرصة قضاء بعض يومٍ بالحديقة الدولية بالقاهرة بصحبة صديقي وشيخي / محمد شرشر  ..
** هناك في جو  هادئ حيث أبدع أحفادُ الفراعنة 

؛ يحيطك الجمال والشاعرية ، فليس هنالك شيء من قبح أو همجية ابتداءً من توزيع المساحات بين الأخضر  والرمادي والأبيض وما عداه , إلى صوت الموسيقى ( الهامس) عبر سماعات صغيرة محمولة على أعمدة صغيرة موزعة على الطرق والأجنحة والبساط الأخضر , وأثاثٌ بسيطٌ منحوت من الطبيعة ,
      وستعرف طبيعة كل دولة ومعالمها وشوارعها  بمجرد رؤية الجناح الخاص بها , فكل شيء يخاطبك بغير كلام  ؛ ويومها كان حديثنا الوحيد يدور حول حاجة مجتمعنا إلى تذوق جماليات الحضارة ونقلها إلى كل شئونه..
    وتداعت أمامنا – ( والشيء بالشيء يذكر )– صورُ احتفالاتنا وأفراحنا التي أصبحت همجية ومتوحشة ولا تراعي وقاراً , حتى طريقة تعاملنا فيما بيننا –،  ولا أدري من يفرض علينا هذه المخترعات التي تصيبنا بالإعياء من صراخ هذا المسمى بـ ( الديجيه) في أفراحنا إلى مكبرات الصوت في مناسبات العزاء وكأننا في ساحات حرب!!.. أو هذا الهرج والمرج الهادر في شوارعنا  - صباح مساء - بلا رحمة ..
 ** لماذا نصر ويصر بعضنا على مخالفة العقل والجمال وموافقة القبح والهمجية ؟؟ - أليس علينا أن نفكر فيما نفعل ؛ وفي جدواه وفوائده أو في مضاره ومساوئه ؟! ، أو في سكوتنا عما يفعل سوانا ويقترف من جرائم ومخازي في حق مجتمعه وفي حق نفسه ..؟؟ ؛ وهل حقاً هناك من لا يرى كمالاً في نفسه إلا إذا تصايح وتحامق .؟!. رحم الله – تعالى – عمنا بيرم التونسي حين قال :
يا شرق  فيك جو  منوّر  والفكر  ظــلام  
وفيك حرارة يا خســـــارة وبرود أجسـام
 فيك تلتميت مليون زلمة لكن أغـــــــــنام  
 لا بالمسيح عرفوا مقامهم ولا بالإســــلام   
 ودمتم متحضرين ..8/5/2007م

0 التعليقات:

إرسال تعليق