تجربتي مع التدخـين
بقلم / موسى
إسماعيل الفقي
** ربما لم يكن بوسعي أن أقول
مثل هذا الكلام قبل عشرين سنة , فقد كنت حين ذاك أشعر بشيء من ضعف
الشخصية وعدم القدرة علي مواجهة الناس - أو حتى مواجهة النفس , بل كنت
أحيانا أشعر بالخزي من لون أسناني الأسود كلما واجهت المرآة , ورائحة
فمي الكريهة جدا , وملابسي التي تفوح برائحة التبغ ،
وقتها كنت أحس بالتضاؤل
والضعة كلما اجتمعت بأقراني من المستقيمين غير المدخنين ، والذين ينعمون بحياة صحية ونفسية جيدة ,
أو أصدقائي من المتدينين وهم يرفلون
في حياة هادئة تحفهم السكينة والوقار ، هذه السكينة التي لم أكن قد عرفتها حين ذاك , وهذا
الوقار الذي تمنيت أن يظلني ولو للحظات , ولم أكن أعلم
في ذلك الوقت , أن الوقار والسكينة اللذَين أتوق إليهما لا يحول بيني وبينهما سوي
تلك العادة البغيضة التي لهوتُ بها في طفولتي ؛
ثم تمكنت مني وصارت بمرور الأيام والأعوام جزءًا
من كياني ، وحاجةً من أولى الضروريات التي تفوق كل شيءٍ ضروري أو مُلِحٍ ؛
إنها عادة التدخين أو كما يجب أن أسميها - جريمة التدخين ، ومع الأيام كانت مأساتي
تتفاقم ، وقوتي تضعف ، وملكاتي الذهنية تتراجع ، ويغزو
الشحوب المسود وجهي , ويغادره ماؤه ورونقه ، ومع الوقت بدأت أكتشف أن إحساس
البلادة راح يسيطر علي شخصيتي غير المستقرة ، فلا آبه إن آذاني
البعض بقول أو فعل ، ولا أدفع عن نفسي ما يحط من الكرامة ,
ومن المؤكد أن تلك
الأحاسيس لم تكن واضحة بشكل يجعلني أوليها اهتمامي ومن ثَمَّ ؛ أفكرُ في تغييرها ، أو أن أفعل
حيالها شيئاً ما ، فقد كانت تلك الأحاسيس تمر على خيالٍ شبه
مغيّب أو على نفس أشبه بالمخدرة ، ومع الوقت بدأت عادة التدخين
تساهم في التهوين من المعاصي واكتساب أفعال مشينة كالكذب مثلا ، لقد أصبح الكذب
شيئا عاديا في حياتي ، ولم أعد
آبه أو أشعر بذنب أو عذاب ضمير
حينما أكذب . . ....
( ثم كان أن قرأتُ للدكتور/ صبري
القباني مقالة عن التدخين من كتابه طبيبك معك ,وفي صفحة 282 يقول) : إن نسبة
النيكوتين تؤلف ثمانية بالمائة من وزن التبغ وإن عشرة سنتيغرامات منها تكفي لقتل
كلب متوسط الحجم وهناك سموم أخرى لا تقل خطرا عن النيكوتين والتدخين ينخر
الكبد كما ينخر الأسنان ويصاب المدخن بالإمساك ولا تصلح معه المسهلات
فتتقرح الأمعاء ويتأثر المخ والمخيخ والعصب السمباتي ولذلك يشكو مدمنو التدخين
بالأرق والكآبة ووهن الإرادة وضعف الذاكرة والتعب والضعف الجنسي وتصاب
الحنجرة والرئتين وتصلب الشرايين ومن ثم الدوار والخفقان , وللتخلص من عادة
التدخين يحتاج المدمن إلى عزم وتصميم وقوة إرادة ...) بل
إن العلماء في منظمة الصحة العالمية أحصوا السموم الأخرى الموجودة في السيجارة بالآلاف ...
إن النيكوتين - مثلاً - في السيجارة لن يقتلك في الحال لكنه سيعمل
على زيادة دقات القلب ويرفع ضغط الدم .
دخان السيجارة به أكثر من 4350 مركب كيميائي ضار ، منها حوالي 450 مادة مسرطنة
أو حوالي 40 نوع على الأقل من المواد الكيميائية التي بالسيجارة تسبب السرطان.
أحد مخلفات السجائر هو أول أكسيد الكربون وهو نفسه الذي يوجد في عوادم السيارات.
المواد الكيميائية الأخرى تشمل الأمونيا (ويستخدم في تنظيف الحمامات) وارسنيك (يستخدم لقتل الفئران).
التدخين هو على رأس قائمة مسببات المرض والوفاة والتي يمكن الوقاية منها.
التدخين يسبب السرطان، أمراض القلب والشرايين والرئة والجلطات.
التدخين حتى عند من أعمارهم 18 سنة ممكن أن يتسبب في حدوث أمراض القلب.
الدراسات بينت أن المدخن يفقد 7 دقائق من حياته في كل مرة يدخن فيها سيجارة.
أكثر من 440 ألف أمريكي يموتون من التدخين سنويا وحوالي مليون شخص في مختلف أنحاء العالم يموتون سنويا من التدخين.
التدخين يسبب 87% من كل سرطانات الرئة.
الأشخاص الذين يموتون بسبب التدخين أكثر ممن يموتون بسبب مرض الإيدز وحوادث السيارات واستعمال المخدرات وحوادث الإنتحار مجتمعة.
إعلانات التدخين عادة تستهدف المدخنين الجدد والأطفال.
إن لم تدخن وأنت في سن المراهقة فحظوظك أوفر بأن لا تدخن بعد ذلك.
التدخين يجعل رائحة فمك كريهة وأسنانك صفراء ورائحة ملابسك نتنة.
30% من كل المدخنين الجدد سيموتون من استعمال التبغ.
المدخنين لا يؤذون أنفسهم بل أيضا من يحبونهم.
التدخين السلبي يقتل حوالي 56 ألف كل سنة.
التدخين خلال فترة الحمل يزيد من نسبة حدوث الإجهاض وتشوهات الأجنة.
الأطفال الرضع الذين يولدون لأهل مدخنين هم 7 مرات عرضة للموت أكثر من غيرهم.
مدخنين السيكار هم أكثر عرضة بأربعة عشر مرة للإصابة بسرطان البلعوم والمري وذلك مقارنة بغير المدخنين.
70% من المدخنين يتمنون لو أنهم يستطيعون التوقف عن التدخين.
إستعمال التبغ و التدخين يؤدي إلى تلف في بعض أجزاء الرئة والتي تحمل الأوكسيجين إلى القلب.
المراهقين المدخنين هم عرضة للإصابة بالكحة والربو بثلاث مرات أكثر من غير المدخنين
أنت تستطيع أن تقول لا لشركات التدخين وذلك بالإمتناع عن التدخين.
إذا كنت تدخن فأفضل شيء تعمله هو الإقلاع عن التدخين. ***
دخان السيجارة به أكثر من 4350 مركب كيميائي ضار ، منها حوالي 450 مادة مسرطنة
أو حوالي 40 نوع على الأقل من المواد الكيميائية التي بالسيجارة تسبب السرطان.
أحد مخلفات السجائر هو أول أكسيد الكربون وهو نفسه الذي يوجد في عوادم السيارات.
المواد الكيميائية الأخرى تشمل الأمونيا (ويستخدم في تنظيف الحمامات) وارسنيك (يستخدم لقتل الفئران).
التدخين هو على رأس قائمة مسببات المرض والوفاة والتي يمكن الوقاية منها.
التدخين يسبب السرطان، أمراض القلب والشرايين والرئة والجلطات.
التدخين حتى عند من أعمارهم 18 سنة ممكن أن يتسبب في حدوث أمراض القلب.
الدراسات بينت أن المدخن يفقد 7 دقائق من حياته في كل مرة يدخن فيها سيجارة.
أكثر من 440 ألف أمريكي يموتون من التدخين سنويا وحوالي مليون شخص في مختلف أنحاء العالم يموتون سنويا من التدخين.
التدخين يسبب 87% من كل سرطانات الرئة.
الأشخاص الذين يموتون بسبب التدخين أكثر ممن يموتون بسبب مرض الإيدز وحوادث السيارات واستعمال المخدرات وحوادث الإنتحار مجتمعة.
إعلانات التدخين عادة تستهدف المدخنين الجدد والأطفال.
إن لم تدخن وأنت في سن المراهقة فحظوظك أوفر بأن لا تدخن بعد ذلك.
التدخين يجعل رائحة فمك كريهة وأسنانك صفراء ورائحة ملابسك نتنة.
30% من كل المدخنين الجدد سيموتون من استعمال التبغ.
المدخنين لا يؤذون أنفسهم بل أيضا من يحبونهم.
التدخين السلبي يقتل حوالي 56 ألف كل سنة.
التدخين خلال فترة الحمل يزيد من نسبة حدوث الإجهاض وتشوهات الأجنة.
الأطفال الرضع الذين يولدون لأهل مدخنين هم 7 مرات عرضة للموت أكثر من غيرهم.
مدخنين السيكار هم أكثر عرضة بأربعة عشر مرة للإصابة بسرطان البلعوم والمري وذلك مقارنة بغير المدخنين.
70% من المدخنين يتمنون لو أنهم يستطيعون التوقف عن التدخين.
إستعمال التبغ و التدخين يؤدي إلى تلف في بعض أجزاء الرئة والتي تحمل الأوكسيجين إلى القلب.
المراهقين المدخنين هم عرضة للإصابة بالكحة والربو بثلاث مرات أكثر من غير المدخنين
أنت تستطيع أن تقول لا لشركات التدخين وذلك بالإمتناع عن التدخين.
إذا كنت تدخن فأفضل شيء تعمله هو الإقلاع عن التدخين. ***
وخلال خمس سنوات بعد التوقف عن التدخين يكون خطر إصابتك بأمراض القلب
وسرطان الرئة يرجع إلى معدله الطبيعي كما في غير المدخنين.
** وبالنسبة لي شخصيا ففي وقت من الأوقات ومع
بداية مرحلة دراسية جديدة كان عليّ أن أتعرف إلي أصدقاء جدد , وكانوا يتميزون بالاستقامة
والتدين، ولم يكن بهم من يدخن , وكانت دورهم قريبة من دار
جدتي لأمي , والتي أتردد عليها كثيرا , وقد كان أبي منشغلاً
بزراعة الأرض , ولم يأل جهدا في نصحي بكل الأساليب , ومقاومة عادة التدخين لديّ , والتي
أخبره بها بعض الجيران , ولكن دون جدوى
وكان عليَّ بعد ذلك أن أقيم أثناء الأجازة
الصيفية مع جدتي التي تحبني كثيرا , وأغيب عن أوساط ومناخات
أصدقاء الطفولة الحميمين (أصدقاء السوء ) .. وأقترب
أكثر وأكثر من أوساط الأقران الجدد المستقيمين , وبمرور الوقت وجدت نفسي ألتصق
بهم ويستهويني أسلوب حياتهم , وكنتُ منذ الطفولة قد وقعت أسيراً في حب
الأدب , وكتبتُ الشعر , وكان التدخين آفتي الوحيدة , وبدأت أشعر بأنني أضعف وأقل
قدرة علي امتلاك أمري ولقد دفعني ذلك كثيرا للتفكير مرات
عديدة في التخلص من السيجارة ؛
تلك الآفة القاتلة , وفي كل
محاولاتي المتكررة للخلاص كنت أبوء بالفشل , فمرة أقلع عنها أسبوعين , ومرة أقلع شهرا , ومرة
أخرى أقلع ثلاثة شهور , وبعد كل مرة كنتُ أعود إليها
بشراهة أكثر من السابق وكأنني أصبحتُ أسيرا لها .
لقد خلفت تلك
الآفة علي مدار ستٍ وعشرين سنة أمراضاً كثيرة , وأعراضا غير معلومة الأسباب , فبالإضافة
إلي قولون غير مستقر وكبد متشنجة , ورئة متضررة نفورةٍ , وبشرة فقدت الكثير
من رونق الصحة والنقاء , كانت هناك دلالات عن عدم
الاستقرار النفسي , وغياب المشروع .
** وذات مرة ذهبت أسأل عن
صديق لي وكانت أمه تلقاني بوجه ممتعض , وتنكر وجوده أحيانا, ولم أكن
أشعر في ذلك التصرف بشيء من مهانة , وكان ذلك يتكرر , ولم أذكر أنني وجدت
في تصرفها ما يدعو إلي الغضب أو التذمر من جانبي , وكنتُ دائما
أستقبل ذلك بنفس راضية , ويمر مرور الكرام
** وفي تلك الفترة اتخذت
قراراً بالإقلاع عن التدخين , وبعد شهر وبضعة أيام ، حدث أني ذهبت أسأل
عن صديقي فقابلتني أمه بنفس الوجه الذي تعودته منها ، وإذا بذلك يؤثر في
مشاعري ؛ وإذا بنفسي تثور لهذا التصرف , وتزداد ثورتي علي نفسي
لأن ذلك كان يحدث كثيرا ولم أكن آبه به , ورحت أسأل نفسي : تري ما
الذي تغير ؟ ,
إن أمّ صاحبي لم
تتغير , ونفسي هي نفسي , فما الذي جري ؟
لقد اكتشفت بعد تفكير طويل
أن الإقلاع عن التدخين هو الجديد في حياتي , وأن التدخين يجعل المدخن بليد الحس ,
إذ أن التدخين يؤثر علي المخ , وفي المخ توجد مراكز
الأعصاب التي تتأثر بالمواد الضارة الموجودة في السيجارة , وأن خلايا المخ لا تتجدد مثل
بقية الخلايا , والمواد الكيميائية الموجودة في
السيجارة تساعد في احتراق خلايا المخ بشكل مضاعف عن الاحتراق الطبيعي مما يؤثر علي
طبيعة استقبال الأمور , والتي تحتاج إلي الحيوية والنشاط وحضور البديهة, فإن لكل فعل
ردّ فعل , كما هو معروف في قوانين الطبيعة ,
ولذلك فليس من الطبيعي
أن تجد فعلاً , ثم لا تجد له رداً طبيعيا مضاداً مساوياً له , وعليه فكان لابد أن يفرض
السؤال نفسه وبقوة : لماذا اختفت مظاهر الرد الطبيعي في
الماضي في واقعة والدة صديقي , وظهرت اليوم جلية واضحة ؟؟ وكان لا بد أن تبحث عن الأسباب
وراء ذلك , ورغم ذلك فقد عدتُ سريعا إلى عادة التدخين تحت
ضغوط أصدقاء السوء وعلاقتي بهم ..
وبعد مرور عدة سنوات , وربما - تحت وطأة ظروف مادية غير
مواتية حدث أن امتنعت عن التدخين فترة من الوقت
راوحت ستة أشهر تقريبا ... وخُيل إليّ حينها أنني أصبحت أكثر اضطرابا في حياتي , وأصبحتُ نفورا وأقل
قدرة علي القراءة والكتابة , وكنتُ حينها أكتب
لبعض المجلات العربية , ورأت زوجتي في تلك الفترة ؛ أن عودتي إلي التدخين - أقل خطرا من حالي
الجديدة بعد إقلاعي عن التدخين ،
فقد كانت ثورتي تنشأ لأقل
الأسباب , وكانت الزوجة تخشى عليّ من عواقب ثوراتي الدائمة , وترجو لبيتها وأولادها جوا هادئا
, ولهذا - وتحت سيل من التبريرات المختلقة والتي
يزينها الشيطان والنفس المريضة الأمارة بالسوء - فقد عدتُ مرة أخرى , إلي التدخين أكثر من ذي قبل.
** غير أن هذه العودة لم تكن مقبولة من الوعي قبولاً كاملاً
, وبمجرد بزوغ فرصة لإشراقة الوعي
إبان انتكاسة مرضية أو مادية , حتى تبرقَ - مرة أخرى - فكرةُ الإقلاع وصحة رؤيتها وحيويتها , فقد
كنتُ أرى كبار الرجال من المدخنين وقد بدا عليهم من
آثار التدخين الشيءُ الكثير ؛ فهاهي وجوههم مسودة وعليها الصدأ والتجاعيد وزرقة الأنوف
والشفاة , ووهن في التفكير وغيبوبة في التركيز , وتأتأة
في الكلام , إضافة إلى عادات سيئة من موروثات التدخين ؛ كالبصق والتنخم الدائمين, والمثيرين
للاشمئزاز !!
وكنت كلما رأيت ذلك تأكد لديّ أنني في حال الكبر سأكون
على شاكلتهم إن لم أكن أفدحَ منهم حالاً .. وكان
هذا يدفع في اتجاه الإقلاع أكثر من الاستمرار والاستمراء , والركون لتلك
العادة الشنعاء .. وبعد ذلك بسنوات بدأت حالتي الصحية تتراجع معلنة ظهور
بعض المؤشرات على حالة صحية سيئة , ولم يكن بوسع أي إنسان عاقل أن يذهب
للطبيب كل شهر , ليُعالج من علل معظمها من آثار التدخين ومسبباته , فلا
العلاج ينفع , ولا السبب ينتهي , وكان لا بد من العودة - مرة أخرى وبقوة - للتفكير في الإقلاع ،
** وفي وقت من الأوقات كنت أصلي المغرب في جماعة ، وقرأ
الإمام قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .. ..} (الآيات
من سورة الإسراء) ثم لفت انتباهي أن جاء بعد تلك الآيات مباشرة قوله تعالى: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ
حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إن المبذرين كانوا
إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ..}
وقد قلت في نفسي إن الله سبحانه وتعالى ينهانا
عن التبذير في معرض الحديث عن حق ذوي القربى علينا ، فما بالك بالتدخين ؟! ، ثم ما هي العلاقة بين بر
الوالدين والتبذير الذي يأتي بعد ذكر
برهما مباشرة ، ومن ثم قلتُ : إن الواحد منا قد
ينفق في التدخين الكثير ، ولكنه قد يقتر في هدية أو حاجة لوالديه أو أولاده، ولقد
استأت من نفسي في ذلك الحين حين عقدت تلك المقارنة وواجهت نفسي
بتلك التساؤلات ، وكان ذلك سبباً من بين الأسباب التي دفعتني للإقلاع عن التدخين ..
وفي السنوات الأخيرة كان قد تبقى لديّ أملٌ وحيد ؛
ربما يعين على الإقلاع ؛ ألا وهو
حلف اليمين , لكن كان هناك - أيضا - هاجسٌ يحول دون ذلك ويقاومه ؛ إنه حديث داخلي لا يفتأ يهمس بي : هل تقوى على اليمين ؟ ألا تخشى من الحنث بها ؟ إن الحلف
باليمين مسئولية أنت لا تقوى عليها , وظل هذا الهاجس يراوح مكانه سنوات طوال , فكلما اقتربت من فكرة
الحلف , كلما ازداد في هتافه واعترض الطريق إلى ما
أريد ..
إلا أنني - وفي ساعة من
ساعات صفاء الرأي وقوة العزيمة - طرحت سؤالا علي نفسي ؛ وكما يقولون - إن التساؤل مفتاح المعرفة -
: يا ترى ما هوية ذلك الهاتف الذي يقف دون الغاية
ويثبط من العزائم ؟ , ولماذا يقاوم فكرة الحلف ولماذا يكره حلف اليمين؟ - وفجأة بدأت تبرق
الإجابة عيانا بيانا , إنه الشيطان ... الشيطان الذي
يريد للإنسان أن يكون ضعيفا دائما , خائر القوى دائما , عاجزا عن أن يملك أمر نفسه ؛ تابعا له
ذليلا ,
لقد اكتشفتُ في لحظة دفء إيمانية
أن الشيطان هو الذي يوسوس بالاستمرار والاستمراء , والركون لتلك العادة الشنعاء تحت
دعاوى واهية , فمن المؤكد أن الشيطان لا يحب الخير
للإنسان , وهو خبيث يحب الخبث ، والتدخين من الخبائث لا شك في ذلك ..
ولقد قرأت في تلك الفترة لدى
بعض العلماء المتخصصين في عالم الجن ، أنه سأل جنياً كان تحت سيطرته
: ماذا تحب الجنُّ ؟ فأجابه الجني بأنهم يحبون الضوضاء والموسيقى
الصاخبة ورائحة التدخين والأجواء التي تملأها المعصية والخمر والعُري , وأنهم يسكنون في هذه
الأجواء ويسعدون بها، ولذلك فإن الشيطان في حالي يخوّف
من حلف اليمين لأنه يخشى أن يكون هذا دافعا نحو التوبة،
ولقد أفتى بعض فقهائنا بأن
التدخين من المحرمات شرعاً، وبدأت منذ تلك اللحظة أفهم ما يجري حولي , وشرعت في الإجهاز على
آخر ما تبقى من ضعف لديّ , وقد عرفتُ حقيقة عدوي ومدي تسلطه رغم ضعفه وقلة
حيلته , وقلت في نفسي مخاطباً إياه في غير خوف ولا
وجل وفي حالة من السيطرة الكاملة لكامل قواي : أتخشى من حلف اليمين ؟ إذاً عليك أن تقضي إلى غير
رجعة , سوف أحلف , وقد كان .. وهتفتُ ساعتها
هتاف الواثق من عون ربه : أقسم بالله العظيم ألا اقرب هذه المعصية أبداً .. وقد كان
ذلك في ظهيرة يوم 8/5/1996م ؛
وبالفعل ألقيت ما بحوزتي من
سجائر - وبهذا القسم - وبفضل الله تعالى - أُغلق هذا الملف وإلي الأبد , فلقد أصبح الدين في
كفة والمعصية( التدخين) في الكفة الأخرى , وكان لا
بد أن ترجح كفة الدين , وفي هذا المعنى يقول بعض العارفين : ( إذا صدق العبدُ في ترك معصيةٍ , كفاه
اللهُ مئونتها , فإنه - سبحانه وتعالى - أكرم من أن يعذبَ قلباً
بشهوةٍ تُركت لوجهه ) . وصدق رب العزة جل وعلا : ((... فَقَاتِلُوَاْ
أَوْلِيَاءَ الشّيْطَانِ إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ))
[ سورة: النساء - من الآية : 76]
وفي هذا المعنى يقول بعض الشعراء :
يا ليــل لا. فالدين فوق
الحجا ... فليعلن الثائرُ إذعانهُ
بصيرة الدين وهل غيرهـــا ..
ردت علي الحائر إيقانـــه
تقودنا للخير في حكمــــةٍ ..
تروي لهيف القلب حيرانــه
من عيون التراث
’’ قال الخليل بن أحمد : إنك لا
تعرف خطأ معلمك حتى تجلس عند غيره’’
العقد الفريد ج 5 ص - 218
’’ليست العبقرية في معظم
الأحيان , إلا صبرٌ طويل .‘‘
’’ في أي مجتمع إنساني , الأخلاق
أهم بكثير من الذكاء’’
’’أنت في الحقيقة لست أكثر مما
تعتقد أن تكون ‘‘
يقول ابن قتيبة : " من أراد أن يكون عالما
فليطلب فنا واحدا , ومن أراد أن يكون أديبا فليتسع في كل العلوم " .
والحمد لله رب العالمين .[ موسى الفقي ]
0 التعليقات:
إرسال تعليق