عـلامات تعجـب
شعر/ موسى إسماعيل الفقي
آلتي الكاتبة ،
تلك الجاثمة كسلحفاة كبيرة
دائماً ،
فيها الذي لا أريد
آلتي الكاتبة ،
تكبلت أصابعي بها ،
وأُلجمت خواطري لها
وبها حروف وأرقام وعلامات ،
وليس فيها علامة تعجب .. .. ؟
هذه العلامة التي تصحب عيني بجولات
في الفضاء البعيد
وتصفعني في الزحام حول بائع الفول الغليظ
وعند هذا العجوز المراهق في شوارع مدينة قذرة
وفي وجه الجار " المنتفخ الأوداج كضفدع " *
وفي حبة قمح تذبح عصفوراً بلله العطش وأدماه الجوع
وعند صاحب يستحل سرقتي باسم الحرية
وعند شقيق يبيعني لقاتلي باسم المصلحة ،
وعلامات التعجب الكثيرة تحتل كل شئ ،
فتظهر في أحلامنا ، فراشات مزعجة
و كوابيساً نشطة
وتخرج من حلوقنا أغربة كئيبة،
ومن رؤوسنا أسهما من دخان
ومن عيوننا ذرات لضوء يتهشم
وكبلورات الرماد المتطاير إذ تحتشد لعيني طفلٍ
في صبح بارد ،
البنايات .. النخيل .. والأشجار ،
استحالت علامات اندهاش
... سألف ذراعي حول رأسي
وأكور شمساً كي أقف عليها منصوب
القامة
وأدوم على هذى الحال ؟
***
تأخذني الاّلة في سيل نعومتها ،
أكتب عاصفة .. .. ،
هل أبصر غير توابيت سكون تفضحني ؟
أصفع تلك الأزرار لعلى أصنع شيئاً
يغير هذا الخمول المدلل ،
... لا شئ سوي موت منتشر فوق الورقة في اطمئنان
أكتب بركان .. .. ..
هل تنتفض الورقة فوق الآلة ؟ ؟
تقذف أحرفها في وجهي ،
تنثرها باكية ،
من أجل المكسورين على أبواب هزائمنا ؟ ؟
هل توقظ دمعا سال على طرقات
الصمت الأبله ، كي يتذمر ؟
.. هل يخرج من عمق غباوته ،
هذا القلم المنتحر بقصر السلطان
– هل يتحرر ؟
.. .. .. .. لا شئ سوى صمت مخذول .. ..
.. .. .. أحياناً ،
أبصر حرفاً يتجرأ ، .. .. .. يخرج عن سطره ،
ينطلق صياحاً بجناحي شررٍ ،
منشطراً ضد القيد الدهرى ،
متحداً بجلال النور الأبدي ،
.. .. .. إني أحلم .. ..
فالأحرف تتعاضد مثل الأفراخ ،
ربما هذه الميزة الوحيدة .. .. .. ،
لكنها خاملة كأصحابي ،
إنهم مقاعدُ وثيرةٌ ،
حول مائدةٍ غنيةٍ ، يحتشد لها المشردون .
***
هأنذا أقفز فوق الآله ،
وعلى نغم " التكات " المضطربة ،
تشتبك الأحرف في ولهٍٍ
.. تعتنق الجمل بلاهتها ،
تأتلف الأسطر ،
هذا الـ ( تشتبك وتعتنق وتأتلفُ )
ينتهي بارداً كما بدأ غبياً .. .. ..
أتمني أن أضرب زراً ، فيفجر حرفاً كونياً ،
فيدمر هدفاً .. .. ..
ما أكثر تلك الأهداف الملتصقة كالديدان ،
في غرف النوم ،
في أجواف الطرقات الملأى بالموتى
***
كلما أضغط زراً ، يخرج طيرُُ مادا عنقه ،
لـ " يتك " ويهوي في عشه ،
ليكوّن جنب أشقائه ،
ذاك الهلال الصلد المعتم ..!!
***
أيتها الأحرف الخاوية ،
ماذا لديك لتغيير العالم ؟ ،
وماذا تقولين لتلك الضفادع المستكينة ؟
وماذا تملك الضفادع غير النقيق ،
في ظلام المستنقعات ؟..
حتى هذه الآلة
تلك الجاثمة كسلحفاة كبيرة .
لماذا لا تتحول إلى بطارية ،
كي تطلق صاروخاً بدلاً من حرف ،
وليخرس العقلُ الذي يصر على إقناعي بالسلام
***
هوامش :
* المعنى لمظفر النواب
* المعنى لمظفر النواب
0 التعليقات:
إرسال تعليق