« كله مفسبك » ..!!


«كله مفسبك» ..!!
بقلم / موسى إسماعيل الفقي

«كله مِفسْبك» ؛ على وزن«كله مفستك» ،
 أغدق الله علينا بنعم لا تُحصى وأصبح كل منا لديه جهاز كمبيوتر في بيته وفي عمله كذلك ، يستطيع باليسير من الجهد أن يضع فيه مكتبات زاخرة من الكتب الدينية والعلمية والأدبية ، ثم أغرقتنا النعمة وأصبح لدينا شبكة انترنت «عنكبوتية»، تلبي لنا كل ما نطلبه من معلومات وخبرات
وإمكانات في التو واللحظة ، فإذا قدر لك أن  تدخل مؤسساتنا الحكومية ، فسوف ترى الموظفين على أجهزة الحاسب «كلهُ مِفسْبِك» يعني كله ماسك بإيده واسنانه على «الفيس بوك» ، ونازل رغي عمال على بطال ، في موضوعات معظمها تافه وعديم الأهمية ومكرور ، وحكايات «وَدْودة وبحبحة وفخفخة» وأحيانا كثيرة «شرشحة» وشتيمة وقلة قيمة ، وبعضهم الآخر يتسلى بالألعاب الطفولية .. وكل واحد من «هؤلاء المتفسبكين» في أي حوار يدخل إليه ؛ يعتقد – أحيانا - أنه سقراط ، وأحيانا يعتقد نفسه المتنبي أو المعري ؛ وأحيانا عنترة أو أبو زيد الهلالي ، فإذا بحثت في جوهر الكثيرين من هؤلاء - وجدتهم لا يملكون علماً ولا معرفة ولايحزنون ، ووجدتَ أكثرهم – مع شديد الأسف والخجل - يجهلون الكثير والضروري من علوم العصر ..
نعم يا سيدي.. أنا معاك إن «الفيسبك بوك» و« تويتر» شبكات تواصل اجتماعي رائعة ؛ ومعك – أيضاً– أن الفيس بوك كان أحد الأدوات والوسائل المستخدمة للتعبئة في ثورة 25 يناير 2011 م ، لكن معظم الناس لا يستخدم هذه  المواقع الاستخدام الأمثل ، علاوة على أن الوقت المستهلك في كثير منها ، يضيع هباءً في موضوعات تافهة ، وكان الأولى أن نستخدمه في قراءة كتاب مهم لم يُقرأ ، ويا للأسف .. فمعلومات الكثيرين من «هؤلاء المتفسبكين» معلومات ناقصة عن كل شيء ،  فقلما تجد من بين هؤلاء ؛ من يلم بقضية من القضايا المطروحة تمام الإلمام ؛ علاوة على أن من بينهم من تنقصه المعلومات الحقيقية في تخصصه ودراسته.. ولك أن تنظر في ثقافة الأجيال الجديدة لتعلم إلى أي حد تراجعت القدرات والخبرات المعرفية لديهم..   
   في الماضي كان الحصول على المعلومة يكلف الكثير من المال والوقت والجهد لشراء كتاب ، وكنا ننتظر موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير من كل عام ؛ ليكون عيداً لشراء الكتب ، وحين نذهب ونشتري الكثير من الكتب ونحمل على ظهورنا ما لا يقدر الشخص القوي على حمله - ولنا مع أصدقائنا في ذلك ذكريات مضحكة من البؤس ؛ ثم نعود إلى بيوتنا وفي أنفسنا حسرات ، فقد تركنا وراءنا بالمعرض مجلداتٍ قيمة وكتباً لا حصر لها ؛ حالت ظروفنا المادية المتواضعة دون شرائها واقتنائها.. فهل لنا الآن أن نعلم أولادنا وشبابنا كيفية الاستفادة الحقيقية من الثورة التكنولوجية والعالم الرقمي المتاح ، لكي ننهض بأوطاننا فنضيف إلى معرفتنا معارف تليق بهذا العصر المعرفي الذي نعيشه ؛ ونساهم في هذه الحضارة والتاريخ اللذين خرجنا منهما تماما منذ ثمانية قرون دون أي إضافات تذكر؟ .. وهذا الدور يقع بالدرجة الأولى على عاتق المعلمين والآباء .

0 التعليقات:

إرسال تعليق