سـقوط المـدائـن


سـقوط المـدائـن

شعر/ موسى إسماعيل الفقي

الراحلون يرحلون في السكوتْ

والقادمون يدخلون في السكوتْ

        ونحن في مقامنــا نمــوتْ


نعلق الكلام في صوامع القنوتْ

نهيء الكــــلامَ موطنــا لعنكبوتْ

نصوغــه تميمــةً لطفلنــا العنيــد

ونفضــح اللســــــــان في شــوارع البكــاءْ

فينطـقُ الحجــرْ .. يزلزل الحيــــــــاة

ويجمـــد البشــر .. تدوســهم طغــــــاةْ

***

أهــرب من شـــجيرةٍ :

تعانق الفضاء بين صفرة الأصيل

تواقع الشعاع في انكساره الذليل

تمد للفضاء أذرعاً

تكفنت بحمرة البكاء والأفول

تبرعمت بغيمها المرتّق البخيل

(وليس في بكائها عويل ،

وليس في انشطارها صهيل )

أهرب من شجيرة :

تعنكب الطيور إذ تؤوب في

سقوطها الأخير

وتخنق النهار في صعوده الوفير

(وليس في حفيفها المخنث القرير

وريحها الخجول ،

سوى خريفها المهلهل القتيل

ودمعة وحيدة تجول

قواقع الظلام والسهول)

***

وهاهو اللسانْ
( مطيةٌ مرقطة )

رأيته يدور في الشوارع المحنطة

(يحمل تحت إبطه شوكة وملعقة ..

وفي خياله تنام غادة منسقة )

يبحث عن وليمةٍ

يلوك فى صحافها

حلاوة التنطع.. ، حرارة التفاخذِ ..

تبذل البغاء في الوسائد الحرير

رأيته يدور حول بركة الأمير

( مقيداً بقبلة امرأة

تغلغلت فأخرست مرافئه،

ودبَّ فى العروق فأفأة )

تروعه أناقةُ الصورْ

ضخامة الجثثْ

وغابة النجوم والرّتب :

متاحفٌُ تناغمت بأبدع القشور

وهاهو اللســان …!!

وكان سيد الحضور في مهالك الظروف

وكان سيفنا العصىَّ في طلاسم الشتات

وكان يستطيل كي يفجر الحيــــاة

ثورةً على رخاوة الحروف

وكان يستدير كالضياء ناشراً عبيرَهُ

ويعتلى النجوم في هديرهِ

ويعرج السماء في صداه فوق جبهة النزيف

وكان معبر المعذبين والجياع

لربوة وقبرةْ

وكان وردة الغريبْ

ووارفَ العطاء كانْ ،

وكان ……

***

الراحلون يخرجونْ ..

والقادمون يدخلون ..

ولم تزل مدائني المحنطةْ

تغوص في شوارد السكون

تزف للبحار وردها النبيلْ

وشعرها النبي وانتصارها الجليل

ترابها ، ونوقها العتاقَ والبكارة

( ليهنأ العشيق والغريب والدخيل ) ؛

تعاقر البغاء في مسائها الطويل

وتلتقي الصباح بالتلون المخادع المثير

تردد الخوار في مراتع الدواب :

( خوار ثورها المزركش الكبير )

*****

0 التعليقات:

إرسال تعليق